هل أصبحت إسرائيل شرطي أمريكا في الشرق الأوسط؟
ضربات بلا رادع، وواشنطن تُبرّر… والضحية: سيادة الدول
منذ سنوات، تتحرك إسرائيل في فضاء المنطقة كقوة ضاربة بلا قيود. تضرب في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين واليمن، والآن تضرب قرب طهران، وتنسحب دون مساءلة، فيما واشنطن — حليفتها الاستراتيجية — تكتفي غالبًا بالصمت، أو بتصريحات تبريرية.
فهل نحن أمام نموذج لـ”شرطي غير رسمي” أمريكي في الشرق الأوسط؟
وهل هذا الدور مؤقت، أم مخطط مرسوم ضمن الاستراتيجية الأمريكية لاحتواء خصومها دون انخراط مباشر؟
*إسرائيل تضرب… وأمريكا تنفي*
في كل مرة تنفّذ فيها إسرائيل ضربة عسكرية خارج حدودها، تتبعها ثلاث مراحل معتادة:
1. صمت أمريكي أولي
2. تسريبات بأن واشنطن أُبلغت مسبقًا
3. تصريحات مبطنة تؤكد “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”
لكنّ واقع الحال، خصوصًا مع تكرار هذه العمليات منذ سنوات، يظهر أن إسرائيل تمارس دورًا يفوق “الدفاع عن النفس” بكثير، بل يُشبه “الضبط الميداني للجوار”، خدمة لأهدافها وأهداف واشنطن في آن واحد.
*فجر الجمعة: إسرائيل تضرب قرب طهران… من دون ردع*
وفي تصعيد خطير يؤكد هذا الدور، قصفت إسرائيل فجر اليوم الجمعة مناطق سكنية وعسكرية قرب العاصمة الإيرانية طهران، في ضربة سميت بقوة الاسد .
هذه الضربة، التي أسفرت عن سقوط مدنيين وتدمير منشآت، تأتي في ظل توتر متصاعد في المنطقة، وتُعدّ اختراقًا صارخًا لسيادة دولة إقليمية كبيرة. ورغم فداحة الحدث، اكتفت الإدارة الأمريكية — حتى ساعة إعداد هذا المقال — بـتصريحات “النأي بالنفس”، ما يطرح سؤالًا:
من يردع إسرائيل، إذا كانت حليفتها الأولى تبرّر لها كل شيء؟
*حرب بالوكالة… بلا تكلفة*
إن السماح لإسرائيل بالتحرك بحرية في الأجواء الإقليمية يعني عمليًا أن واشنطن توفّر لها الغطاء الكامل، لتحقيق أهداف استراتيجية مشتركة، من دون أن تنخرط أمريكا نفسها في حروب مباشرة.
تكلفة الضربات: صفر على واشنطن.
الثمن السياسي والعسكري: على خصومها وحدهم.
وهنا يتجاوز الأمر حدود السياسة إلى اختلال خطير في ميزان الردع والسيادة، حيث بات واضحًا أن بعض الدول العربية والإسلامية لم تعد تتوقع من أمريكا موقفًا عادلًا، أو حتى محايدًا، بل تعتبر صمتها إقرارًا.
*هل من ردّ قادم؟ وهل تملك طهران خيارًا آخر؟*
الأنظار الآن على إيران:
هل تردّ؟
وهل تدخل اللعبة بقواعد جديدة، تُخرج إسرائيل من هذه “الامتيازات الميدانية”؟
أم أن الردّ سيكون عبر الوكلاء، كما جرى في مرات سابقة؟
الخطورة أن استمرار هذه الاعتداءات، بلا تكلفة سياسية أو دولية على إسرائيل، سيكرّس واقعًا جديدًا في الشرق الأوسط: أن الدولة الوحيدة المسموح لها بخرق سيادات الآخرين هي إسرائيل، بشرط أن لا تزعج واشنطن.
* خلاصة: شرطي بمسدس أمريكي!*
قد لا تُعلن واشنطن أن إسرائيل هي “شرطيها” في المنطقة، لكن الواقع يقول ذلك بصوت المدافع والصواريخ. والسكوت الأمريكي، بل الدعم غير المعلن، يجعل من إسرائيل اليد التي تُنفذ وتجرّب وتُرهب، دون أن تتحمل واشنطن شيئًا أمام المجتمع الدولي.
ولعل أخطر ما في الأمر، أن هذا الدور لا يُحاسب، بل يُكافأ.
محمد الناصري