في ذكرى وفاة عميد المنبر الحسيني (قصتي مع الشيخ الوائلي)
باقر جبر الزبيدي
حدثني والدي ان الشيخ احمد الوائلي كان ارتقى المنبر الحسيني عندنا في بيتنا بمدينة العمارة عام من 1948 - 1950وكان شابا يافعا يتقد حيوية ويتميز بلسان ذرب واسلوب بسيط وقدرة على ايصال الفكرة بابسط الكلمات!.
وحدثني الخال الشيخ عبد الهادي الغضبان الوحيلي عن حضوره مجلس الشيخ الوائلي حين كان يقام هذا المجلس في سوق العمارة الكبير وعشيتها كان السوق يغلق بالكامل على منبره ويمتلأ بالجماهير الغفيرة التي تتحشد امام مغازة الحاج صولاغ جبر الزبيدي.
وفي بداية الستينات شهد العراق موجة وعي اسلامي متنامي ارتبط عضويا بمرجعية الامام الكبير السيد محسن الحكيم (قدس) وكنا انذاك نواظب على حضور مجالسه الحسينية فكان يبدأ في كل ليلة رمضانية مجلسه الشهير في كل من جامع الهاشمي والخلاني وحسينية عبد الرسول علي في الكرادة الشرقية والغريب اننا كنا نشعر بالظمأ لمحاضراته الاسلامية التي كانت تمتاز بالرصانة الفكرية والاسلوب الحديث المرتبط بمناهج البحث العلمي والقراني حيث كنا نواجه ايامذاك خطر توسع الافكار الملحدة وانتشار المفاهيم المنحرفة.
وفي المنفى حيث خرجت من العراق عام 1982 التقيت الشيخ الوائلي في سوريا وتذكرنا سوية علاقته بوالدي ومجالسه الحسينية في العمارة والعاصمة بغداد حيث كان الشيخ يقيم مجالسه في الكويت والامارات ومسقط.
توطدت علاقتنا بالشيخ الوائلي نهاية التسعينات حيث كنت دائب الصلة به وازوره باستمرار في ديوانيته بمنطقة التجارة في العاصمة السورية دمشق وكان يرد زيارتي بزيارة مماثلة بمكتب المجلس الاعلى في دمشق ومرة اتذكر ان سماحته اتى المكتب مبكرا ولم اكان اعلم بمجيئه وذلك في تمام الساعة التاسعة صباحا واخبرت من قبل الاخوة في المكتب ان سماحة الشيخ موجود فطلبت اكرام الشيخ ايما اكرام الى حين عودتي من الموعد الذي كنت فيه حيث انهيت اجتماعي باحد الشخصيات العراقية وعدت مسرعا لكي اجلس مع سماحته.
حين اجلس اليه او يلتقي بي كثيرا ماكان يسالني عن العراق والحال الراهنة واحوال العراقيين وحركة السيد الحكيم الذي كان يمثل القطب الابرز في المعارضة العراقية وكنت اضع الشيخ دائما في صورة الاوضاع العراقية في الداخل والخارج وكان يحرص على زيارة السيد الحكيم في زياراته لسوريا ولبنان.
في اواخر التسعينات واثناء وجودنا مع سماحة السيد الحكيم (قدس) في الكويت في شهر رمضان المبارك قال لي شهيد المحراب ان سماحة الشيخ الوائلي مصاب بعارض (السرطان) وطلب مني التاكد من مصداقية هذا الخبر وكان ذلك اثناء وجودنا في الكويت فاتصلت بسماحته هاتفيا للاطمئنان على صحته وابلاغه تحيات سماحة السيد الحكيم الذي هاتفه بعد ذلك لاطمئنان على صحته فتبين لي من خلال اصدقاء لي في الكويت ان هنالك شكوكا حول احتمال اصابته بسرطان الغدد اللمفاوية غادر بعدها الى لندن وتم معالجته والشفاء من المرض بعد ان توسل بالامام الحسين واهل بيته وهي الكرامة الثانية لعميد المنبر الحسيني بعد شفاء كريمته من تمزق في العين وهي حادثة رواها سماحة الشيخ ووردت على لسان ابنته بعد ذلك.
عام 2001 تناهى الى سمعي ان الشيخ الوائلي يعالج في لندن من مرض السرطان الذي عاوده مرة ثانية بعد ذلك بخمس سنوات من اصابته الاولى بسرطان الغدد اللمفاوية ولازال صوته يرن في اذني وذاكرتي وهو يقول اخي ابا محمد دعوت الله تعالى وانا في شدة الالم بعد اخذي لجرعة الكيمياوي ان لايري اي مسلم الم الكيمياوي فبكيت وطال بكائي.
بعد عودة سماحته من لندن عدته في دارته في منطقة التجارة السورية وبدأ باخذ جرعات الكيمياوي في احد المستشفيات الخاصة بالاورام السرطانية في العاصمة اللبنانية بيروت.
اخيرا اقول .. كان سماحة الشيخ يسرني انه يتمنى سقوط الطاغية صدام ليعود مرة ثانية الى العراق ويقيم مجلس الحسين عليه السلام في بغداد لكنه عاد مريضا هذه المرة الى العراق وزار الامامين الكاظمين وهو في شدة مرضه ورحل هذا العميد الكبير والطود الشامخ الى ربه محمولا على اكتاف عشرات الالاف من محبيه ومن جميع المحافظات العراقية في ظرف امني عصيب من عام 2003 وكنت عشيتها اودعه بالدموع كما كنت استمع اليه وهو يتحدث لي من لندن.
رحم الله عميد المنبر الحسيني وناشر علوم اهل البيت على مدى نصف قرن ونيف وهو يدفن في العراق حيث كان يتمنى..وسلام عليه يوم نشا على حب اهل البيت واعتلى المنبر الحسيني دفاعا عنهم وعن الاسلام ويوم ودع الدنيا محمولا على اكتاف محبيه ويوم يبعث حيا.