اتصال ترامب مع العبادي قضى على حياة الكهرباء في العراق
متابعة : نداء الرافدين:
تشهد البلاد ومع اقتراب فصل الصيف في كل عام، ازمة حادة في الطاقة الكهربائية، تتعاظم تاثيراتها مع الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة، الى مستويات قياسية، في ظل تكرار خطط ووعود حكومية مليارية التكاليف، لمعالجة الازمة، تنتهي دائما الى حلول الشتاء، وانتفاء الضجة الاعلامية حولها، بحسب وصف مجلة باورالمختصة بشؤون الطاقة.
ومع تنامي ازمة الطاقة لكل عام بنحو 7% بحسب ذات المصدر، تحرص شركات عالمية المستوى، على تقديم خطط لمعالجتها، الى الجهات المعنية، بعقود ذات ارباح خيالية، برزت منها، المنافسين الاكبر على سوق الطاقة العراقية، جنرال الكتريك الامريكية، وسيمنز الالمانية.
حيث وصلت المنافسة المحمومة بين الشركتين الى اشدها خلال العام الماضي 2018، حين اعلنت شركة ، عبر بيان رسمي اوردته شبكة اخبارالنفط والغاز العالمية، اتفاق رئيسها التنفيذي جو كيسر مع رئيس الوزراء انذاك حيدر العبادي، على تطبيق خطة 11جي، على مدة اربعة اعوام، قبل ان يظهر تصريح لنائب وزير الكهرباء حينها عادل الجريان، يرجح الكفة لصالح شركة جنرال الكترك، على الرغم من اصدار الصحف الامريكية مثل بوستون كلوب، توقعات سوق بتنفيذ سيمنز لمشروعها في العراق.
في ذات الوقت، ردت شركة جنرال الكتريك على انباء عقد الاتفاقية عبر بيان لها، بتصريح اعلنت فيه "وجودنا في العراق مبني على شراكة تمتد لخمسين عاما، نحن مستمرون في التعاون مع الحكومة العراقية لايصال طاقة مستقرة وجيدة الى الشعب العراقي".
بعد ما يقارب الشهر على بيان جنرال الكتريك، وتحديدا في شهر اكتوبر 2018، اعلن العراق عن توقيع اتفاقية اضافية مع الشركة الامريكية لتنفيذ خطة جي 14، والتي سميت حينها بــ "خطة مبادئ التعاون"، الموصوفة بانها "غير ملزمة"، حيث اثيرت عدة شبهات حول ما دفع العراق الى توقيع اتفاقية غير ملزمة بقيمة 15 مليار دولار مع شركة جنرال الكتريك، واضعا عمل سيمنز الموقع معها اتفاقية سابقة في سبتمبر في تحدي مستمر وتخبط في الاداء.
شبكة بلومبيرغ الامريكية، اعلنت في الثامن عشر من ذات الشهر "اكتوبر" 2018، وعبر تقرير لها، ان الادارة الامريكية، ممثلة بمسؤولين "رفيعي المستوى"، اتصلوا بحيدر العبادي هاتفيا و"حذروه من تدهور العلاقات الامريكية العراقية في حال لم يتم منح العقد الى شركة جنرال الكتريك، وايقاف عمل شركة سيمنز".
المسؤول رفيع المستوى تم الكشف عن كونه الرئيس الامريكي دونالد ترامب بنفسه، بعد تاكيد المتحدث باسم مجلس الامن القومي الامريكي غاريت ماركوس، الحادثة، قائلا "ما جرى هو جزء من حملة قوية نقوم بها لاعادة تشكيل التفاعل مع الحكومة العراقية، ودعمها، وفي ذات الوقت تقليل التاثير الايراني"، في اشارة الى تحقيق ذلك عبر ربط المصالح الاقتصادية العراقية، بالشركات الامريكية مباشرة، بحسب ما اكدت الفاينشنال تريبيون.
يأتي هذا في الوقت الذي كشف فيه صحيفة الفاينشنال تايمز، عن بعض تفاصيل المكالمة بين ترامب والعبادي، او "مسؤولين رفيعي المستوى عراقيين وامريكيين"، مؤكدة قول ترامب للعبادي، "قُتلَ ما يزيد عن 7000 جندي امريكي خلال عملية اسقاط النظام السابق، وعليه، يجب ان تحصل الشركات الامريكية على اولوية في الحصول على عقود اعادة الاعمار".
كما واكدت الصحيفة، في الثامن عشر من ذات الشهر، ابلاغ احد مستشاري العبادي لشركة سيمنز بالمغادرة وترك العقد، لتعرض الحكومة العراقية لضغوط امريكية غير مسبوقة وصلت الى التهديد بقطع العلاقات، حيث قال المسؤول لمدير الشركة "الحكومة الامريكية توجه مسدسا الى راسنا، ولا نستطيع عمل شيء".
الصحيفة، اوردت ايضا ان شركة جنرال الكتريك، كانت تعاني من ازمة مالية خانقة في قسم الطاقة لديها، والذي قد خسر قبلها بعامين، ما يزيد عن 23مليار دولار ،من مشاريع لم تتمكن الشركة من اكمالها لاسباب متباينة، كما انها وبحسب الاتفاقية التي وقعتها مع العراق خلال اكتوبر 2018، وعدت بتوفير خمسة وستون الف فرصة عمل في العراق عبر تنفيذها المشاريع، الامر الذي لم تنجح كذلك في تنفيذه.
يشار الى ان وزير الكهرباء العراقي لؤي الخطيب، كان قد اعلن خلال العاشر من شباط الماضي، وعبر مقابلة له مع الفاينشنال تايمز، توقعاته بان "لا يجني العراق اي نتائج ايجابية هذا الصيف من الصفقات التي عقدها العام المنصرم مع شركتي سينمز وجنرال الكترك"، متابعا "لا املك التخصيصات المالية او الالية التي تسمح لي بان اختار العقد المناسب للعمل مع هذه الشركات العملاقة"، قبل ان يسهب "البيروقراطية التي ورثتها... غير منطقية".
الخطيب اكد ايضا، بان عروض الشركتين، ما زالت مطروحة الى الان على طاولة البحث، مشددا على صعوبة "ان يتم اختيار احد العروض وتوقيع عقد بشكل اعمى"، ومؤكدا توظيفه ما يعرف باسم "خبراء متطوعين"، لمساعدته على تحليل وفهم بنود العقود التي تقدمت بها الشركتين للعراق، في الوقت الذي يقترب خلاله فصل الصيف، وما يرافقه في العادة من ازمة طاقة، والتي تتسبب في العادة بوقوع ضحايا لشدتها.
شبكة بلومبيرغ اكدت بان الاوضاع السياسية الاخيرة، قد وضعت العراق في مشكلة اكبر، بعد اتخاذ البيت الابيض قرارا برفع الاعفاء من العقوبات المفروضة على ايران عن العراق وباقي الدول، حيث يعتمد العراق على ايران في توفير 40% من حاجة مولداته الكهربائية لمادة الغاز، الامر الذي لن يضع البلاد في ازمة طاقة فقط، بل شركة جنرال الكتريك، التي فرضت عليها اتفاقية التعاون المشترك، توسعة البنى التحتية الكهربائية العراقية، عبر بناء محطات التوزيع وخطوط النقل، الامر الذي سيؤثر على الشركة بشكل كبير، كونها خسرت ما يزيد عن 50% من سعر اسهمها في السوق خلال العام الماضي، بعد تذبذب في بيع التوربينات العملاقة بسبب التخوف من ارتفاع اسعار النفط عقب العقوبات الامريكية على ايران، ادت الى طرد مديرها التنيفيذي السابق "جون فلانيري"، قبل ثلاث اسابيع فقط.
يجدر الاشارة الى ان رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي، يقوم بزيارة الى ثلاث دول، منها المانيا، بالاضافة الى فرنسا وهولندا، لبحث "استقرار واعادة بناء البلاد وخصوصا المناطق المحررة"، بعد حصوله على موافقة مجلس الوزراء، امس الاثنين، على التعاون مع شركة سيمنز الالمانية لــ "اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لتحسين واقع خدمة الكهرباء في البلاد"، بحسب ما اوردت "الغد برس" في وقت سابق.