بالفيديو تاريخ عمالة ال سعود لبريطانيا وكيف تحولوا الى حضن امريكا و تفاصيل اللقاء التاريخي السري بين روزفلت وعبدالعزيز آل سعود
أكثر ما يجعلنا متخاذلين في ذلك الواقع أن نحصر الإسلام ومنهجه في بعض الفتاوى وأحكام الحدود، أو منهج إصلاحي يتصالح مع المنظومة الإمبريالية، لنجد صنماً جديداً وصورة مشوهة لمنهج الإسلام، ولا شئ أقرب من السعودية على تلك الصورة المشوهة للإسلام.
السعودية ذلك البلد الذي يعتقد الكثيرون بأنها تقيم الدين والشريعة على أرضها، وتجدها في نفس الوقت على وفاق مع أمريكا التي تعادي إقامة الشريعة وتعتبر من يطالب بها إرهابياً متطرفاً.
علاقة أمريكا بالسعودية من أقوى العلاقات، فأمريكا تحتاج لمن يُسوِق لأفكارها ومنهجها المنعوت بكلمة “إسلامي” في الدول العربية والإسلامية، وما من دولة لها مكانة السعودية الدينية وثقتها في قلوب وعقول المسلمين، وأيضاً موقعها الاستراتيجي والثروات البترولية التي تسيل لعاب الغرب وخاصة السيد الأمريكي؛ لأن النفط يمثل شريان الحياة الرئيسي لأمريكا.
تم بدأ أول بعثة لتدريب القوات الأمريكية عام 1953م، كما أن أمريكا باعت للسعودية عدة صفقات سلاح، وزودت السعودية بمقاتلات مثل صواريخ الباتريوت والهوك والدبابات ومقاتلات المشاة وطائرات F-15s.
وهذا من ضمن صفقة أمريكا مع السعودية بأن توفر البترول بصورة مستمرة لأمريكا، وفي المقابل توفر أمريكا الدعم السياسي والأمني اللازم للنظام السعودي؛ لذلك في الواقع مكة والمدينة هم أولى المقدسات الدينية التي احتلها النظام العالمي وليس القدس. ويرجع ذلك لمحطات في تاريخ المملكة السعودية، لنمر عليها سريعاً.
الاحتلال البريطاني لبلاد الحرمين
بدأت القصة منذ مطلع القرن السادس عشر والقرون التالية له عندما احتلت بريطانيا كثيراً من أطراف العالم الإسلام، وبدأت فى الخطط الخبيثة منذ مطلع القرن التاسع عشر من أجل السيطرة علي بلاد الحجاز.
وكان الذراع المعاون لها العميل الأكبر “عبد العزيز آل سعود” مؤسس الدولة السعودية الثالثة، وقدمت له المعاونة البريطانية والدعم العسكري.
وتمكنت بريطانيا فيما بعد من إعلان عبد العزيز سلطاناً على المملكة وعقدوا معه صك ضمان تحت المسمى الجديد الذى أطلقته بريطانيا وهو (المملكة العربية السعودية)، حتى اسمها من اختيارهم ونسبة لعميلهم.
وهكذا، وضعت بريطانيا آل سعود كذراع لهم على حكم بلاد الحجاز وضمنت ولائهم، وكانت سيطرتها على بلاد الحرمين كخطوة أولي لبناء دولة يهودية في القدس والسيطرة على بيت المقدس.
وفى عام 1936م قامت الثورة الكبرى التي أشعلها “الشيخ عز الدين القسام”-رحمه الله- في فلسطين، وعجزت بريطانيا عن إخماد الثورة ولكن كيف تعجز وحاكم بلاد الحرمين ذراع لها!
فاستعانت بريطانيا بعميلها “الملك عبد العزيز” الذي أرسل وزير خارجيته “فيصل” ليستجدي عرب فلسطين وزعماء الثورة من أجل إيقافها بعد أن كفل لهم وفاء (صديقتنا بريطانيا) -على حد وصفه- فأوقفت الثورة ثم أخمدت، وكان ذلك أول خطوات ضياع القدس.
وورد في رسالة الملك إلى الرئيس روزفلت –بعد قيام اليهود بعمليات اغتيال لشخصيات بريطانية-:” قام اليهود بشتى الاعتداءات، وكان من أفظعها الاعتداء على الرجل الفذ الذي كان ممتلئاً بالحب والخير لصالح المجتمع، وكان من أشد من يعطف على اليهودية المضطهدة وهو اللورد مورين”.
ومما نُشِر من وثائق تلك المرحلة موافقة “عبد العزيز” على برامج الإنجليز في الهجرة الصهيونية إلى فلسطين وعدم الاعتراض على إعطائها لليهود وموافقته على وعد بلفور الذي كان بداية المأساة.
ومنذ ذلك الحين ومكة والمدينة تحت سيطرة الإنجليز إلى أن جاءت الحرب العالمية الثانية وبدأ تشكيل النظام العالمي الجديد، وبرزت أمريكا والاتحاد السوفييتي كأكبر قوتان في العالم في ذلك الوقت. وتم بالفعل تقسيم العالم فيما بينهما وورث الأمريكان العرش السعودي ونفط جزيرة العرب، وأصبح لهم الحق في الإشراف على مكة والمدينة ضمن ما ورثوه من ممتلكات التاج البريطاني بعد الحرب العالمية الثانية.
اللقاء بين الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت والملك عبد العزيز بن سعود
تلك المقابلة التي سار عليها كل رئيس أمريكي حتى هذه اللحظة، وبرغم أن أمريكا هي الراعي الرسمي للديموقراطية في العالم، لا تلتفت أن “الملكية السعودية” لا تعطي شعوبها أي شي من حقوقهم. ولكن أصل الديموقراطية الحفاظ على الرأسمالية حتى وإن كان النظام ملكي، فلا بأس في ذلك.
التقى الرئيس الأمريكي (روزفلت) مع الملك (عبد العزيز) سراً على ظهر السفينة الحربية “كوينسي” بعد الحرب العالمية الثانية في البحيرات المرة بقناة السويس في مصر عام 1945م.
منذ ظهر عصر النفط وأمريكا هي أعلى الدول استهلاكاً للنفط في العالم، فـ كما ورد في كتاب دم ونفط فإن أمريكا تستهلك يومياً 20 مليون برميل نفط من إجمالي 80 مليون برميل يتم إنتاجه عالمياً.
وبعد أن أمدت أمريكا دول الحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية بـ 6 مليار برميل من النفط، خسرت الكثير من إنتاجها المحلي، فبدأت تبحث عن مصادر جديدة للنفط غير إنتاجها المحلي، فتوجهت أنظارها بالطبع لمنطقة الشرق الأوسط والخليج العربي وجزيرة العرب. فأعلن «روزفلت» أنه يريد رؤية ثلاثة بلدان نامية يعتقد أن الولايات المتحدة ستستفيد منها في المستقبل، فقرر أن يتوقف في محطات ثلاث؛ إثيوبيا للقاء الإمبراطور «هايله سيلاسي الأول»، ومصر للقاء الملك «فاروق»، والأهم الملك «عبدالعزيز» في المملكة العربية السعودية.
فهل كان هذا اللقاء بين الملك والرئيس حدثاً تاريخياً؟
من أهمية هذه الاتفاقية أنه في الذكرى الستين من انعقادها أقامت “جمعية أصدقاء السعودية” حفلاً حضره حفيد روزفلت وعدد من بحارة السفينتين الذين شهدوا اللقاء، وألقى الرئيس الأميركي السابق “بيل كلينتون” كلمة وصف فيها القمة بأنها وضعت “بذرة علاقات الصداقة بين البلدين”.
يستعرض “إيدي” – رئيس وزراء بريطانيا- الأيام السابقة على القمة يقول: “علمت أن مستر روزفلت وهو في طريق عودته من يالتا إلى بلاده يرغب في مقابلة الملك عبد العزيز سراً على متن طراد بالبحيرات المرة بقناة السويس وكُلفت بترتيب هذا اللقاء، وكانت السرية أول ما يشغلنا لحماية أمن مستر روزفلت فلم تهدأ بعد رحى الحرب بيننا وبين الألمان، وما زالت القنابلُ تنهال على القاهرة وقناة السويس وأي هدف يكون أكثر إثارة للألمان من طراد يحمل على متنه الرئيس الأميركي والملك السعودي!
وقبل الاجتماع بيوم أو يومين فقط كان في المملكة كلها خمسة أفراد فقط يعلمون بهذا اللقاء: الملك، ووزير خارجيته، وعامل الشفرة في المفوضية الأميركية، والسيد إيدي، ورئيس وزراء سنغافورة.
كان ظهر الطراد “كوينسي” الذي يحمل الملك مزوداً بالرجال، لكن لم تطلق رصاصة تحية واحدة لأن اللقاء كان يتم بعيداً عن علم الدول المجاورة، واستغرق الحديث بينهما ساعة وربع الساعة.
وبعد مناقشة تطورات الحرب واستعراض الثقة بأن الألمان منهزمون لا محالة، أعرب روزفلت عن مشكلته الخطيرة التي يأمل أن يجد لها مساعدة ونصيحة عند الملك وهى إنقاذ البقية الباقية من اليهود في وسط أوروبا الذين يذوقون رعباً لا يوصف على يد النازيين.
كان رد الملك عاجلاً ومقتضباً:
“أعطهم وأحفادهم أراضي الألمان ومنازلهم فهم الذين اضطهدوهم”. فأجابه الرئيس بأن للناجين من اليهود رغبة عاطفية في العيش في “فلسطين” وأنهم في الحقيقة يخشون الإقامة في ألمانيا حيث قد ينالهم العذاب ثانية.
فقال الملك:
“إنه لا يشك أن لدى اليهود أسباباً قوية تمنعهم من الثقة بالألمان إلا أنه لا يشك أيضاً في أن الحلفاء سيدمرون قوة النازيين للأبد وسيكون نصرهم عزيزاً بحيث يوفر الحماية لضحايا النازية وإنني لا أستطيع أن أترك عدواً لي في وضع يسمح له برد الضربة بعد الهزيمة.”
وعاد روزفلت يقول:
“إنه يعتمد على الكرم العربي وعلى مساعدة الملك في حل المشكلة الصهيونية.”
فأجابه الملك متسائلاً:
“أي شر ألحقه العرب بيهود أوروبا؟ إنهم المسيحيون الألمان سرقوا أموالهم وأرواحهم، إذن فليدفع الألمان الثمن، ويسكن اليهود ألمانيا.”
ولما عاود الرئيس يشكو أن الملك لم يمد له يد العون لحل هذه المشكلة، بدا أن صبر الملك قد نفذ فقال بشئ من الحدة:
إن من تقاليد العرب توزيع الضحايا الناجين من المعركة على العشائر المنتصرة وفقاً لعدد كل عشيرة ومقدار ما أسهمت به من ماء وطعام للمحاربين، وإن في معسكر الحلفاء (50) بلداً أفقرها وأصغرها “فلسطين” التي عُهِد إليها بأكثر مما تطيق من اللاجئين الأوربيين.
ما بعد اللقاء
لم يتوصلا إلى أي اتفاق حول فلسطين، إلا أنهما يريدان المُضي قدماً على ما التقيا حوله خلال هذا الاجتماع القصير نسبياً. وتُوفيَّ الرئيس روزفلت بعد شهرين، وكان قد وعد الملك في الاجتماع وبعد ذلك كتابة:”أن الولايات المتحدة لن تتخذ أي قرار نهائي حاسم بشأن فلسطين دون التشاور الكامل مع جميع الأطراف المعنية”. وأخذ الملك ذلك كالتزام من الولايات المتحدة ككل وليس من «روزفلت» فقط. ومع ذلك؛ فقد كان ما تعهد به الرئيس «روزفلت» غير ملزما لخليفته «هاري ترومان»، فقد أيد «ترومان» قرار تقسيم فلسطين وهو ما أزعج الملك بشدة.
وبحلول الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل استقلالها في عام 1948 فهم الملك أن مستقبل المملكة العربية السعودية يكمن في شراكة قوية مع الولايات المتحدة. وعندما حثه زعماء عرب آخرين مثل “الرئيس السوري” لسحب امتيازات التنقيب عن النفط مع شركة آرامكو لأن «ترومان» اعترف بإسرائيل، رفض الملك ورد على الرئيس السوري ما معناه “أنك تتكلم والكلام سهل، ولكني أتحمل مسئولية بلد شاسع لا يملك بنية تحتية ولا خدمات عامة ولا طرق يسلكها الناس، وأن النفط هو السبيل الوحيد الذي أملكه للتطوير والأمريكان يريدونه، وأنا بحاجة إلى الأمريكيين”.
وبحلول ذلك الوقت كان للولايات المتحدة قنصلية وقاعدة جوية في «الظهران»، وكان ذلك بمثابة الأساس لعلاقة باتت كاملة تماماً كما كان «روزفلت» والملك يخططان.
وبهذا كان ولاؤه لأسياده الأمريكان من هذه اللحظة بدلاً من أسياده الإنجليز.
