ازمة خفية تضرب السوق العراقية
يواجه
الاقتصاد العراقي انكماشًا حادًا وصل لمرحلة حرجة قد تفضي إلى "الكساد
الاقتصادي" فيما إذا لم تعالج بالمستوى المطلوب، اتضح هذا الانكماش في أداء
القطاعات الاقتصادية مثل الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة إلى مستويات متدنية
أدت إلى بطالة مرتفعة واتساع دائرة الفقر وخروج الاستثمارات الأجنبية.
استمرار
استنزاف تلك القطاعات مع حالة الركود العام يؤدي إلى الكساد ممثلًا بانخفاض واسع
النطاق في النشاط الاقتصادي ترافقه زيادة العرض مع انخفاض الطلب يدفع الإيرادات
الصناعية والتجارية وقيمة الاستثمارات إلى الانخفاض بوتيرة شديدة وزيادة معدلات
البطالة والفقر إلى مستويات عالية وما يرافقه من آثار اجتماعية سلبية.
هذا الركود
الاقتصادي شعر به المواطن في فترة الحرب مع داعش حيث كانت الخزينة العراقية خاوية
من عهد الحكومات السابقة بالاضافة الى توجيه اقتصاد البلاد الى الحرب وشراء السلاح
والعتاد ولجوء العراق الى الاقتراض والديون الخارجية والداخلية والتي بلغت 130
مليار
ورغم انتهاء
الحرب على داعش الى ان عدة عوامل ابقت الحال على ماهو عليه اهمها الفساد الاداري
الكبير في جميع مفاصل الدولة وخصوصا المنافذ الحدودية وهو ماتسبب في اجبار التجار
العراقيين على دفع رشاوي من اجل تسهيل دخول بضائعهم الامر الذي انعكس على الاسعار
يرافق ذلك ضعف القدرة الشرائية للمواطن وارتفاع تكاليف العيش حيث يجبر مواطني بعض
المناطق على شراء الكهرباء والماء فلا يسمح لهم دخلهم بالتسوق
اما اهم
اسباب الركود الاقتصادي فهي الاتفاقيات الغير مدروسة مع دول الجوار(الاردن الكويت
ايران السعودية) والتي اعفيت بضائعها من الضرائب وتسببت في تحطيم المنتوج الوطني
لرخص سعرها وتنوعها وهو امر جعل المعروض في السوق اكثر من حاجة المواطن وفق قاعدة
العرض والطلب
كما ان
الحكومة لم تنجح خلال أكثر من عقد في تحقيق الحد الادنى من تحسين البنية التحتية
اللازمة لانطلاق القطاع الخاص، اذ لا يزال ملف الطاقة الكهربائية يشكل تحديا امام
فرص البلد في التقدم والاستقرار، اذ تفلح الموازنات الانفجارية للسنوات السابقة في
توفير الاكتفاء الذاتي من الطاقة الكهربائية، وتحسين مستوى الطرق وادامة شبكات
الماء والمجاري في البلد.
ويلاحظ تطور
ظاهرة المحاصصة السياسية والطائفية بشكل خطير لتصل الى المناصب الدنيا في السلم
الاداري، وقد انعكس سوء ادارة الملف الاقتصادي بشكل واضح في اداء الحكومات السابقة
والحكومة الحالية. اذ زاد تركز قطاع النفط في نسبة الناتج المحلي الاجمالي وانزلقت
معظم القطاعات الاقتصادية في ركود مزمن وتبخرت المليارات من الموارد النفطية في
مشاريع وهمية.
وبحسب اخر
احصاءات وزارة التخطيط فان معدلات البطالة في البلد تجاوزت 30% مؤخرا في بلد يعد
من اغنى بلدان العالم نفطيا ورافق ذلك ارتفاع نسبة الفقر الى 25% مما ينذر بحدوث
كارثة انسانية خصوصا مع دخول العراق الهبة الديمغرافية.
وعلى صعيد
الاستثمارت الأجنبية فقد ألغت 37 شركة أجنبية عقود استثمار في العراق وقعتها مع
الحكومة العراقية في عامي 2013 و2014 تتضمن مشاريع سياحية وصناعية وزراعية وأخرى
تتعلق بقطاع النفط والغاز وبناء مجمعات سكنية وشبكة لتحلية المياه في البصرة وتصل
تكلفة تلك الاستثمارات إلى 2.8 مليار دولار، وأفاد عضو الاستثمار والتنمية في
البرلمان العراقي ماجد محمد أن موجة الاستثمارات للشركات الأجنبية والعربية توقفت
بشكل شبه كامل بالعراق والوضع مقتصر حاليًا على بعض المستثمرين المحليين.
في النهاية
أنتجت الحكومات المتعاقبة الفقر والبطالة وسوء توزيع الثروة وسيبقى المواطن
العراقي هو المتضرر الوحيد من برامج الحكومة الاقتصادية التي نجحت فقط في تعبئة
جيوب الفاسدين وإرهاق الاقتصاد الوطني وفشلت في تحقيق حياة كريمة للمواطنين
